الجزء الثاني         الجزء الثالث

عدنا حباب        بقلم / متكل أبيت نالاي

كان يا مكان في سالف العصر والأوان إتحاد كبير للقبائل الإرترية يسمى إتحاد الحباب وهي وحدة اجتماعية تقوم على شراكة أطراف كثيرة من القبائل التي ترتبط مع بعضها, ويرأس كل قبيلة رئيس يسمى” شوم” ورمز قبائل الحباب بيت أسقدي ترأست هذا الإتحاد منذ القدم وتوطدت مكانها بينهم وبلغ الحباب أقصى ازدهاره تحت حكمها امتدت إلى حلايب شمالاُ وإلى مصوع شرقاُ. ويلقب رئيسها بكنتباي اتخذوا من مدينة نقفة عاصمة لهم ومسكن الكنتباي ومربض أبطالهم وعموماً هي مأوى الحباب مهما طال غيابهم عنها تختزن في نبضهم وذاكرتهم الحية عراقة القدم وعمق الأصالة والمجد والنصر. كما إنها تمثل مركزهم الاجتماعي تأثرت في تأسيسها منذ القدم بنوازع شعراء الحباب وحكامها, تكبر وتضمحل تبعاً لدور كنتبايها ومن الطبيعي أن يكون السكان وبحكم ترابطهم الأسري وتعاونهم ووحدة معتقداتهم وتقاليدهم متوافقين اجتماعياً ونفسياً لذلك يبدعون في حبهم لنقفة بأشعارهم لها, ولأنها من تراثهم الحبابي. تغزل بها الشاعر الكبير ودكروف وود عوال وإدريس ود نورالدين وهبتس ومحمد حامد عبق ناظر الميكال وطول تأريخها كان العيب في نقفة وأهلها عدم الاستسلام تعاند وتقاوم الجبروت وهي اليوم مدينة الصمود للثورة الإرترية كما كانت دائماً.

وبيت أسقدي هي شيء أصلي فيها بحكم حكمها الطويل وخلفياتها التاريخية, وتوارثها للتأريخ الحباب وراثياُ,والمكان التي احتلتها بصلابتها وقوتها وشجاعتها, وبجاهزيتها للقتال, ولها إطار معرفي جيد في أصول الناس, وعلاقة منظمة بين كل القبائل والتفاعل والتوصل المستمر من طويل الزمان, كما يحسنون التصرف ضد كل غازي بمسؤولية تامة وكان دورهم مهم جداً لبقاء هذه الثقافة, ولهم أسلوب إقناع للناس فيما يستجد من أمور وقضايا في حاجة لوقفة جماعية كان فيهم نوابغ الرجال وعمالقة التاريخ وقد تيسر لهم أن يخلقوا هذا الإتحاد مبكراً.

ووفق العرف السائد كانت تؤمن بيت أسقدي ضرورة موافقة القبائل وتشاور معهم وتعود إليهم في كل شيء , لتأخذ وضعها بينهم, ولذا تضرب النقارة. والنقارة تضرب للأغراض السلمية مثل أعياد الفطر والأضحى وولادة الذكور لأسرة الكنتباي وعند الاختيار كنتباي جديد أو إشهاراً لملاقاة العدو يرسلون عبرها نغمات صوتية طبلية عبارة عن رموز اشارية تشرح الغرض الذي تضرب من أجله ليعرفها الجميع. والنقارة وهي (النحاس) وكل من يستولى على نقارة الحباب عنوة, له الأحقية أن يكون شوم أو كنتباي ولا يعترف بسلطة شخص إلا بعد الحصول على النقارة رمز السلطة والهيبة, وكانت لحباب لها سبعة نقارات وهي منصورة وبنتهاـــ حليبت وبنتها ـــ حنايت وبنتهاــ وكشكش وفي حالت التعين يخرج كنتباي في موكب تقليدي كبير تتقدم إليه القبائل ويسلمون عليه بالاحترام وتدعو له مشايخ الحباب بالخير. ثم تقوم له القبائل ببعض مراسم حفل” الرضاء والتفاؤل به” على مستوى كل القبائل الحباب لضمان الخير والبركة والاستقرار الذي هو الدعامة الأولى لهم وله. ولتوافق عليه بيت أسقدي نفسها وإذا تنازعوا إلى شخص معين تعرف كل الناس في المناورات التي تحصل في نقارة والسيوف التي يعلو فيها الصوت في نبرته وجهارته أمام الحشد ويطلق الفارس كلام والصرخات وهو يتراقصون على إيقاعاتها وآخرون يتسرعون للولاء والطاعة ويتوعدون العدو فأنه سيلحق الهزيمة النكراء فتندفع معه زغاريد نساء الحباب. ولكن بيت الحكم تعقد اجتماع سابقاُ لتجاوز هذه الإشكاليات. ولم يحدث الخلاف إلا في حالة نادرة. وكانت بيت أسقدي لا تتردد من تأديب من يأتون من ضروب الوحشية معهم حتى لو كان من إخوانهم. لأن الكنتباي ملزم تجاه شعبه بواجب الدفاع وكان هذا شأنه للمحافظة على ثقله بين الناس. ولكنتباي مجلس يستقبل فيه الناس ويفرش لهم (الحصر) ومكان للصلات , ومن عادة أهل الحباب كلهم يلتفون في مساكنهم وأحيائهم حول مكان إقامة الكنتباي ويتحدثون بقصص شيقة من تراثهم الحبابي بالمنعة والعزة, والحباب تتخذ شكلها وخصائصها ومميزاتها بما تزخر به من تقاليد عريقة تعطي صفاتها المميزة. وهذا التجمع أيضاً هو وسيلة مثلى لتعاون والأمن والطمأنينة فيما بينهم وكانت لكل قبيلة رجل مفوض إليه يدير أمورها برأي كنتباي والقيام بحل كل مشاكلها وله أن يستعين بمن شاء من قبلته أو أعيان قبائل الحباب وتنفيذ ما يؤكل إليه وينقل أخبار الناس إليه كما ينقل تعليمات وأوامره إلى الجماعة المسؤول عنها, وهو المسؤول أمام كنتباي عن حسن جريان الأمور الداخلية في موقع قبلته .

وللقهوة شأن كبير في حيات الحباب فقد ارتبطت بمعان كثيرة أولها الكرم وهناك معان أخرى تدور حول القهوة عند الحباب, مثلاً إذا قال لك شخص “لا اشرب قهوتك حتى تعطيني طلبي ولا بد أن تقول له إذا كنت صاحب البيت تفضل واشرب القهوة وأبشر باللي أقدر عليه” وتعمل القهوة من أجل الأنس وتسلية وقضاء الوقت فيها وهي من مفاتيح الكلام عندما يسود الجلسة الصمت فعند توزيع فناجينها يبدأ الحديث الشيق وتعتبر مملحة بين الضيف وصاحب البيت فيطمئن الأول للثاني ويأخذ حريته في الحديث وللقهوة قواعد وآداب سلوكية لا يمكن الإخلال بها بأي حال من الأحوال وفيها السوبر (الأول) ويعتبر من يحضر شرب الفنجان الأول شخص مبارك وفيه إكرام الضيف ويعتبر هو الكيف والثاني ليجلب للذة ولارتياح والثالث للاستمتاع والعادي وغيره,علمان إذا أديرت القهوة( الجبنة) لابد من إتمامها حتى نهاية فنجان الوداع وهذا قانونها, وعلى كل حال هي من الروابط الدائمة التي لاغني لهم عنها, وقد نسج الكثير منهم شعراء قصائدهم في وصف القهوة وأوانيها ومجالسها لولعهم الشديد بها وعدم استغنائهم عنها في أي ظرف كان وهي مزيلات التعب والهم للمسافر والفلاح عندما يصيبه التعب يبدأ بصنع القهوة و[يأنس بعملها وارتشافها فتجلو عنه آثار الهم والتعب وقد ذكر ذلك الكثيرون في قصائدهم. ولها احترامات تزيد عن أي مشروب آخر . لا تجيز للأولاد والفتيات قبل الزواج شربها, فهي مشروب الرجال والنساء الكبار. تصل أهمية القهوة عند البعض إلى الهوس حتى أن بعضهم يتفنن في صنع أدوات صنعها وزخرفتها بالأشياء الجميلة وفي مناسبات الحزن كفقدان عزيز عندهم تشرب بدون سكر حزناً على الفقيد لأن القهوة ربما فقدت عزيزا كان يحبها, وهذا نوع من الحداد يشبه تنكيس الأعلام حدادا على موت شخص هام, وفنجان الحزن عند بعضهم هو واحد يشربه المعزي.

لم تكن هذه التقاليد تختلف كثيراً عن تقاليد إقامة الحكام في إثيوبيا إلى ما قبل الاحتلال الإيطالي , وأقبل عليها الحباب وهي اليوم عرفه وتقاليده تحكم بالمودة والرحمة بشريعة أهلها وتتفتح على القبائل المماثلة لها بعلاقات تراحمية يظللها الاحترام المتبادل وخصوصاً احترام الأجداد والتزام بقيمهم وأخلاقهم وأعرافهم البناء.لقد عرف الحباب أشكالا من الحروب والغزوات ولن كانت أسوها تلك التي كانت تقوم بين بيت أسقدي أنفسهم وكانت الأسرع بالخراب الذي أصاب الأخضر واليابس وتقف قبروهم شاهداً في أرض الحباب على تلك الأيام .وزاد من سوء الحال هجرة كثير من القبائل الآمنة إلى حيث يجدون الأمن والطمأنينة فقصد بعضهم أرض السودان وأخرى أرض عنسبا وهذه الحروب هي التي أضعفتها وأوقعتها في مشاكل كثيرة مع إتحاد الحباب.

أما عادات الزواج لا تختلف عن عادات وأسس القبائل الإرترية المماثلة لها ومن خلال الزواج تحافظ القبائل على وجودها وتخلق علاقات دائمة تحقق التواصل فيما بينها, ويمنح التزاوج بين القبائل منزلة رفيعة ويعد بمثابة مشاركة حقيقية بينهم, والزواج ظاهرة اجتماعية معقدة تتماثل وتتنافر مع أصول كل قبيلة, فالبنت غالباً لابن عمها وهو نظام كان في الماضي متفق عليه بين أهل الحباب يعرف بزواج القربى وكذلك زواج المقايضة, وفي زواج توجد شروط وتقاليد القبلية ملزمة, ويساهم الأهل والأقربون في تنظيمه وفق أوضاعهم المتعارف عليها وفي حدود يرسمها شوم القبيلة ويلتزم بها الجميع , ولكن هذه الظاهرة قلت الآن. وكما هو معروف كل قبيلة محدده مهرها سلفاً سوى كان بالبهائم أو المال ولا يشدون عن عرف الجماعة والنظام يطبق على الغني والفقير وفيه أشياء ملزمه وفورية وأشياء قابله لتأجيل يتم الاتفاق عليها أمام الحضور. وتستمر حفل الزواج من 7- 10 أيام ويغني الشباب والفتيات أعذب الأغاني ويعرض الرجال بالسيوف, وتتمحور حوله منظومة من الطقوس والأعراف والعادات والتقاليد والقيم الدينية والاجتماعية السائدة في ما بينهم.

لكن ظهور “الحداثة” والصناعة” غير الموازين وقلب الأوضاع. ونصبت الجبهة الشعبية مواجهة كبيرة ضد الأسرة والقبيلة والدين فانكمشت نطاقها وتمحور أفرادها ونشأت نماذج من الاتجاهات ومظاهر السلوك من اعتراك الأفراد بعضهم مع بعض وكذلك نتيجة تفاعلاتهم مع البيئة الشعبية التي يعيشون فيها, تبلور من هذه المظاهر السلوك والقيم التي تمر بها إرتريا اليوم. وكان شعار الشعبية منذ المؤتمر الأول يقول” ثقافة جديدة لمجتمع جديد” وصفت فيها قيم الشعب الإرتري بالجمود وعدم قابلية للتطور وساهمت دعائم أخرى في إضعاف علاقات الناس وتحولت إلى علاقات مادية نفعية, ذهبت بها لصالح ثقافة التغرنية الذي يحسب لها هذا التطور والتأثير العميق في أفراد وحيات الناس مع بعضهم البعض, بالإضافة تعرض الأسر شريفة منهم إلى كوارث اجتماعية ونفسية وأخلاقية. منه ما حدث بسبب تحديد سلطة الرجل مع زوجته وبناته وتعرف الدولة على أوضاعه الاقتصادية وموقعه الجغرافي وإخلال بوظيفة تسوية المنازعات القبلية التي كانت تربطهم بالماضي, وكان فيها وسائل عديدة ومفيدة تستدعي تطويرها واستخدامها. وإنني لست من دعاة التمسك بكل قديم ورفض كل حديث ولا أدعي بأن الدول النامية لا تعاني من مشاكل التخلف ولكنني أقول بأن التخلف لا يرتبط بالضرورة بالمظاهر التقليدية القديمة فليس كل قديم متخلفاً وليس كل عصري متقدماً. فالتخلف أحياناً يعكس حالة ذهنية نجدها في الوقت الحاضر في مجتمعات الدول النامية دون أن تكون جزءاً من تراثها.

والحال في الخارج بعد تطور الحياة واتساع نطاق الثقافة وجدنا الناس تيسوا كما بعدت مواقعهم الجغرافية وولدت أجيال لا تعلم ما لهم وما عليهم فتلك الوحدة المتماسكة قد أضحت من أطلال التاريخ. واليوم أبناء الحباب تتولاهم ساوا بأشراف تربوياُ وأخلاقياُ مختلف عن تربية جدودهم العمالقة, ثم يعملون في بالثقافة والقيم والمفاهيم والقناعات السائدة في أرض المرتفعات الإرترية. والكل أمام موجهة تطغي وتهيمن وتفكك روابطهم, تخلوا قصراً لماضيهم أو إستبدالوها بمواقف سهلة بالاتصال بالثقافة التغرنية مما أكسب إنسان هذه الأرض مزيداً من اتجاهات وقيم المرتفعات التي تساعد في تكوين عقول تسهم في تقبل الأنماط الفاسدة لثقافة 70 مليون إثيوبي, وهي ظاهرة لا يمكن أن يعود في ظلها الحباب أو غيره من روابط الاجتماعية .

آن الحباب شعب اشتهر بالحفظ والسماع ولم يكن للتدوين أي أثر في شؤونهم ولم يألفوا الكتابة والكتب وكانت هذه إحدى الأسباب وراء أتلاف العديد من الكتب المهمة والقصص الحبابية الشيقة فقد فيها الحباب الكم الهائل من الشعر والأقوال والمأثورات والأساطير, وعادات الأعراس والزواج وحق الضيافة والحماية, وشيوخ أهل الحباب مازالوا يقدموا معلومات شاملة وفريدة من نوعها عن تاريخ المنطقة وأصولها وأنسابها وهجرتها والترابط القائم بين القبائل وعند متابعة أعرافهم وعاداتهم ومراقبة حياتهم داخل القبيلة ولإتحاد الحبابي تجد أشياء من المعقولات في تعامل

الأخلاقي وأعمال تراثية ضخمه فيها لذة فنية ومحكومة بأعراف والمثالية وثوابت الجماعية لا يمكن الخروج عنها.كان الحباب قد أرسي قيماُ أخلاقية مثل احترام الصغير للكبير, ومراعاة الذوق والأدب في التصرفات, والسلوك المضر بين أفراد المجتمع, ومحاولة كل فرد تحسين صورته بما يليق به بين الناس, وبسبب انسجامه الناس مع مورثهم الثقافي فشلت الجهود الأوروبية التي بذلت بهدف تنصير المنطقة, ولكنها انتقلت إلى مناطق أخرى في البلاد. واليوم انقلب عليهم برميل أزفت وضاع هيبة الحباب ومكانته بين الناس. وللأسف فسد هذا الذوق ولم يوجد له متابع بل تفككت كل التوافق الحيات الإرترية وتسببت بشعور عدم الأمن وزاد من مشاكل الناس لقد تغيرت التركيبة الاجتماعية في موقعها وأجيالها فأفرزت الحاجة إلى فهم جديد وقاد ذلك بدوره إلى تناحر أبناء الحباب في مختلف المقاصد والاتجاهات والمصالح مع العلم لا أحد يريد آن يرى تضعف الروابط وتراحم ولا أحد يفضل التفكك بين القبائل بعد وجود هذا الاتحاد. ومن عام 1948 يوجد ذهنية وأنا على يغين تعمل بطريقة غير مقصودة خصوصاُ كلما أرادت أن تعيش حالتها المنطقية والقبلية والمذهبية الصغيرة تطر أن توجد لها فواصل وتباعد وهمي لأصولها فالأنساب والأحساب والقبائل والعائلات معروفة لا تختلط تواريخها ولا تضيع تفاصيلها فكل فرد من الحباب له قبيلته ولا ينسى جذورها ومكوناتها فالناس يحفظون التاريخ الذي لم يكتب ولكن قد تختفي تفاصيله الدقيقة والعديدة.

والحباب لم يختار قبائله بحرية تامة ولا يمكن ذلك بل تشكل نتاج تجاور امتزج فيه الدم بما فيه الكفاية بدماء أبناء المنطقة الو حده وآلفة وأحلاف وأعمال مشتركة من كل أبنائه كانت تزاد لذاتها وتبهج كل زائر للمنطقة بوجهها الصافي وأنغامها وأشعارها وبطولتها وكرمها وكان كل شيء ينبع من هذا الروح ينشر الأنس في كل مكان فهو بيت جميل ملئ

بالحجرات الرحبة التي تتسع لكل الضيوف أثاثه التكافل ولتراحم والتعاطف ولانتماء وهو عمل ممكن أن يخدم القطاع الأكبر من الناطقين بالغة

تغري ليكون من حق الجميع أن يمتزج فيه أو ممكن أن يوثق علاقات القبائل ببعضها ومهما كانت الظروف هناك ثمة دما يحن لبعضه قد تتيح فرصا أفضل في المستقبل أمام استحقاقات القومية القادرة على صياغة الوحدة بينها. علماُ زمن الملوك وسيطرة قد اختفى واستبدلت الولاء من أفراد إلى أرض الحباب وإتحاد الجامع لكل القبائل للوصول إلى فكرة القومية الو حده لتفرق لقضايانا الكبرى التي تستخف بالقيم. ولكن مسائل الخصوصية القبلية واللامبالاة وانعدام المقاصد المجتمعية والجماعية ازدادت المسيرة العامة صعوبة حينما نحتك بأوساط من شبابنا غرست فيهم معتقدات متنافرة تسد منافذ التكافل والتضامن وتترك أصحابها محلقين بعيد بأفكار المشوهة.

وفي نصف من القرن الماضي تغير اسم الحباب إلى اسم الساحل للأسباب مازلنا نجهلها ولكن بتأكيد ليس أرض ساحلية كما اسم الساحل اسم واسع يشمل السمهر ودانكالية وشأنها في ذلك شأن المناطق الإرترية تسما بشعبها هناك حماسين وأكلي قوزاي وسراي وسمهر ولابد من القول أرض الحباب كما تذكر في كل كتب التأريخ وهو ثاني الأقاليم من حيث الأتساع وامتدادها الإستراتيجي وبقبائلها الكثيرة تمثل منطقة القرار الإرتري في المستقبل.ولكن للأسف ترك موضوع الحباب واسمها لقبيلة بيت أسقدي وحدها تكافح فيه وتقاتل عليه.

وفي الحقيقة أن كلمة الحباب معناها قد يتجاوز علمنا الأول ويحتاج تحقيق مكتملاُ من قراءة الوقائع وأحداث الجزيرة العربية ورمزها وقبائلها وهي كلمة تمتد جذورها إلى عصور موغلة في القدم ولم يكن غريباُ منطقة الساحل(الحباب) بحكم موقعها الجغرافي في شمال شرقي إرتريا أن تحتوي ‘على آثار الحضارات القديمة بسبب مجاورتها لأقدم موطن الحضارات العربية والإنسانية غير أن هذا الرأي ينتظر المزيد من الدراسات وما عثرنا عليه غير كاف لإعطاء صورة عن تلك المرحلة عما نستطيع أن نسميه بالتاريخ الكامل للحباب ولكن تبدو الإسم استمرار لحكم قبائل القحطان الذي كان قائماُ في الجزيرة العربية انتقلت مع قبائلها إلى موطنها الجديد في إرتريا بعد أن تغيرت عليهم الأحوال المناخية والصراعات القبلية التي جعلت استمرارهم هناك مستحيلا. ويميل إلى هذا الرأي صاحب الكتاب” العرين بلاد قحطان ماض وحضارة “الأستاذ/ محمد بن سعد النهاري في مقابلة له مع, الشيخ سعود بن جراب بن حسن الحبابي. يقول فيها:(العرين بلاد قحطان 100-101)

 

         الجزء الثاني         الجزء الثالث