أبرز ملامج أدب أحمد سعد ودوره فى
تطور الأدب العربى فى ارتريا
فى المشهد العربى الشعرى الحديث هناك شاعرين اثارا جدلا بعد رحيلهما وهما التونسى
ابوالقاسم الشابى(١) والسودانى التجانى(٢) يوسف بشير ولعل الجدل يكمن فى رحيلهما
وهما فى مقتبل العمر إذ لم تتجاوز مسيرتهما فى الحياة اكثر من خمسة وعشرين عاما
تاركين انتاجا شعريا يعد من اروع النتاج لشابين حصدهما الموت فى وقت مبكر ولو امد
الله فى عمريهما لأثريا الساحة الشعرية بالوطن العربى ولكن هى ارادة الله . لكن
ستظل ” اشرافة ” التجانى و” اغانى الحياة ” للشابى امتدادا لحياتهما وتخليدا لهما
فى ذاكرةالشعر العربى .
ما جعلنى استهل موضوعى بالشابى والتجانى هو ربما التشابه بينهما وبين شاعرنا الشهيد
احمد محمد سعد فو شاب رائع لم يعش طويلا فقد مات فى مقتبل عمره مخلفا وراءه مثلهم
ديوان واحد هو ” عاشق ارتريا ” واحسب ان احمد سعد هو الضلع المنسى او المفقود
للمثلث الابداعى الرهيب على المشهد الشعرى العربى الحديث والمكون من التجانى
والشابى وأحمد سعد وان لم يرق احمد سعد مرقى نظيريه لعدم وجود المساحة الاعلامية
الكافية والتى لولاها لكان احمد سعد يتربع على عرش هذ المثلث.
1. الصور الشعرية فى أدب أحمد سعد :-
يمتاز المنتوج الشعرى لدى الشاعر الفقيد احمد محمد سعد بغزارة المناظر الشعرية التى
يمكن للفنان التشكيلى ان يصوغ منها لوحات رائعة جدا متى مااستمع اليها فقد ابرز
احمد سعد الجماد فى صورة المحسوس والمحسوس فى صورة الملموس فارتريا عنده ليست الا
نبوءة تستطيع ان تلد الرجال وان تملك سطوة الأبطال الاسطوريين فى نضالهم فهى لدى
أحمد سعد آلهة الحب وملكة البطولات
* تقع قصائد أحمد سعد فى خانات الأغنية السياسية والنشيد الوطنى وقد تهرب بعض
القصائد من هذا التحديد لتمتلك صوتها الحر ونجد فى بعض القصائد نبضا للاغنية
السياسية التى تحدد اتجاهها وموقفها بما فيها من
صور شعرية جميلة مثل قصيدة ” رسالة من الوطن ” و” اغنية الزميل
الجريح ” والتى يقول فيها :
حكى الزميل قصته :
تشرد الأقارب
ابواى لاجئات فى السودان
اعيش حائرا بلا امل
قال صاحبى :
متى نعود للميدان
مللت جلسة المقاهى
كرهت غربتى
واخشى رحلة النسيان
وفى قصيدة ” رسالة من الوطن ” يقول:
قرأت فى رسالة قصيرة
اخبارا عن الوطن
ادريس قد قتل
واخرون قد مضوا يستبسلون فى المعارك الكثيرة
وجارنا الذى رحل
يقال مات فى المذابح الأخيرة .
* ان ارتريا حاضرة غائبة .. انها ظل القضية وشعائها وهى ان يهمل الشاعر ذكرها مباشرة فانما تظهر وتقدم نفسها عبر” القضارف و” هيلى “و” الدرق”ومخيمات الاطفال الجياع والعراة والذين لم تستوعبهم مناطق اللجوء السودانية على الحدود .
فى هذا الدفق الابداعى تتراءى لنا صورة رائعة احبها الشاعر ولاذ بحبها
فيهطل حبه من خلال المعانى بحثا عن امل فى ذلك الحب الاكبر لأن الحب عند أحمد سعد ليس امرأة فلم يحلم بفتاة تشاركه احزانه
بل انه يرى فهذا النوع من الحب بذخ وهراء لأن حبه الاول والأخير وهو الوطن ارتريا :
ماعدت اعبث بالهوى
وكفى العبادة للمفاتن والعيون
فلتحرقى ان شئت كل رسائلى
ولتكسرى صنم الصبابة والجنون
انى هنا اروى الملاحم من دمى
* وتبرز الصورة المثلى للمرأة عند أحمد سعد مناضلة صديقة تشارك فى وهج القتال كما فى خندق النضال واحمد سعد لا يذكر حوارارتريا إلا كتوأم للمقاتلين ويحملها نصف ثقل المعركة .
وتحضر المجاهدات من مدارس الكوادر
يعشن فى معامع القتال
هناك فى المعابر العتيقة
يمر ثائر وثائرة
يقاومان فى شجاعة
ويزحفان يضربان
** **
بصوت شاعر وكاتب وكاتبة
نزيل جرحنا
ونطرد الضباب
* إن أحمد سعد بالرغم من انه كان بعيدا جدا عن وطنه بسبب دراسته فى مصر او عمله فى ليبيا إلا أنه رغم ذلك ظل حاضرا بعاطفته الجياشة وحنينه الدافق الى الوطن فهو يغنى بقضايا
الوطن الذى تغرب عنه غربة ابدان .
ربما دكو الروابى
ربما صبو لهيبا
فوق زرع وبيوت وحمام
بيد انا لا نبالى بالمآسى
فقضايا الثائرين
صوت رشاش يغنى للسلام
* وتظل صور المعاناة فى ظل حكم الاستعمار حاضرة فى ذهن الشاعر والمتمثلة فى صور الاطفال فى العراء وصور الشهداء وهم يتحينون الموت فى سبيل الوطن :
من اجل من ذاق الضنى
من اجل من عشق السنا
من اجل اطفال لنا
قد شردوا خلف العراء
من اجل من شقوا الطريق
وشيدوا فجر البطولة والفداء
من اجلكم يا اخوتى
سأظل ارفع رايتى
انى اريد هويتى .. حريتى .. جنسيتى .