الجزء الاول         الجزء الثاني         الجزء الثالث

مفردات التجري في القرءان           الباحث  م/أبر محمد علي               

الحمد لله ربي العلمين الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم وجعل من آياته اختلاف الألسنة والألوان ثم جعل محل نظره القلوب لا الأبدان، و الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى خير الأنام الدافع من البحث والكتابة كان عظمة كلام الله ففي القرءان الكريم العديد من المفردات المطابقة لمفردات من لهجة التجري التي أتحدث بها ،وهذا ما دفعني مسرورا في المضي قدما في البحث والكتابة أمر مهم أخر يضاف في أسباب الأهمية المفردات العديد مع لهجات اليمن، ووجود الأمثال والفن والشعر، وفي هذا الصدد يوجد مرجع جيد للباحث الألماني (ENNO LITTMANN)الصادر في عام 1913م وأشير إلي أن العديد من المفردات مكررة في أكثر من سورة قرءا نية، ووجدت من خلال البحث القرابة العميقة بالغة القرءان ووجد مادة من اللغة السامية كما في الضمائر،والعداد ،و أعضاء الجسم ،والتعريف والتنكير ،والعطف وعداد غير قليل من حروف الجر . وأقول للباحثين والدارسين وخاصات للناطقين بالتجري بأن البحث يثبت بأن النموذج والمنبع لكل ما هو ذاتي صلة بالجعزية والتجرى هو الكتاب العزيز والقلم الإسلامي وأهم ما في البحث مفردات التجري في القرءان وجذور لهجة التجري والمادة اللغوية والمقارنات مع اللغات السامية وما وجد من الوثائق التي لها علاقة بلهجة التجري


تاريخ الجزية من المصادر التاريخية 
فصل الجعزية
هجرة الساميين إلى أرض الحبشة لما كانت اللهجات السامية في بلاد الحبشة قريبة الشبه من مجموع اللهجات التي في جنوب الجزيرة العربية، كان من الطبيعي أن نستنتج أن هؤلاء الساميين الذين يسكنون في الأقاليم الأفريقية إنما نزحوا إليها من بلاد اليمن والذي لاشك فيه هو أن النزوح حدث منذ أزمان بعيد قي القدم وأقدم لغة سامية في بلاد الحبشة هي اللغة المعروف باسم (الجعزية) وقد حافظت على كيانها في التجراي وكانت عاصمتها اكسوم ،والأقرب إلى الجعزية اليوم لهجة التجري في منطقة شمال وغرب ارتريا وشرق السودان والتجرينة في إقليم تجراى بالحبشة وجنوب ارتريا والأمهرية وهي اللغة السائد في الحبشة .كان الرأي السائد عند بعض العلماء والباحثين أن القلم الجعزي منشق من الخط اليوناني (نظرة الغربيين والمستشرقين في نصب كل علم وحضارة إليهم ) ولكن بعد الفحص الدقيق اتضح أن هذا النظرية غير صحيحة لأن هذا الخط كان مألوفا ومتداولا قبل انتشار الخطوط اليونانية بمدة طويلة وتأكدوا انه منقول عن الخط السبئي الذي يشبه شبها قريبا جدا وقد بقى هذا الخط محفظا على صورته الأصلية منذ أول نشأته ولم يطرأ عليه كثير في كل عصوره المختلفة .وكذالك حافظت اللغة الجعزية على عناصرها الأصلية ولم يطرأ عليها إلا قليل من التغير في مدى عصورها وكان الخط الجعزي في بادئ أمره يعتمد على الحروف دون الحركات كما هو حال في جميع اللغات السامية وكانت أغلب اللغات السامية في جميع أطوارها الأولى تهمل الحركات في الكتابة ثم أخذت في أطورها الثانية تضع علامات قليلة وسهلة فوق الحروف أو تحته لترشد القارئ إلى نوع الحركة .
تقسيم الكتابات الحبشية إلى ثلاثة أقسم أولا نقوش كشفت في منطقة يها (Jeha)تمثل أقدم نماذج الكتابات الحبشية وقلمها السبئي القديم الذي كان في عهد ملوك سبأ الذين عرفوا باسم مكرب 
ثانيا كتابات تتمثل في نقش اكسوم وقلمها شبه القلم السبئي المتأخر وهي متأخرة عن الأولى بنحو ستة قرون أو أكثر .
ثالثا كتابات الطور الثالث وبعضها يعرف باسم العالم ربيل وهي كتابات جعزية بقلمها ولغتها وفوق ذلك تستعمل في صلب الحروف شيئا يشبه الحركات وهي طريقة غير مألوفة في اللغات السامية (التغير خدع للمؤثرات الأجنبية) إذ كانت كتابات الطورين الأول والثاني تستعمل القلم من اليمن إلى الشمال كما هو شأن جميع الأقلام السامية 
وإذا أمعنا النظر في القلم الجعزي نجده مشتقا من السبئي ومتأثرا بالصور السبئية ويظهر أن الخط السبئي كان ناقصا وغير مواقف تماما للنطق فأضطر الحبشيون في أو عهدهم بالمسيحية إلى اخترع هذا الخط الذي لم يكن يعتمد على الحروف فحسب بل أضافوا إليها شيئا يشبه الحركات مستقلة عن الحروف وليست كاليونانية التي تربط الحركة بالحرف وتضعها في صلبها بل أوجدوا نظاما وسطا بين الطريقتين حيث أضافوا إلى الحروف أصواتا تقرأ معها ولا تفهم بدونها. وللحرف الواحد سبعة حركات قي سبعة صورة مختلفة ومثال ذلك الحرف ب ( B ) إرفاق *
ويظهر أيضا أن التغيير الذي طرأ على القلم الجعزي لم تكن نتيجة انتقالات وتطورات استمرت طويلة بل هي عمل شخص أو عدة أشخاص وضعوها في زمن معين وهم ينظرون إلى نماذج الحروف السبئية ويتأملونها 
على أن إدخال الأصوات على الحروف يعتبره العلم ملر(Muller ) من تأثير اليونانية (1) ولغة البلاد في القرن الرابع تتمثل في كتابة الملك عزانا (Ezena) وهي من أقدم ما وصل إلينا من اللغة الجعزية .
وأقدم أثار اكسوم كتابة جعزية مدونة بالقلم السبئي منسوبة للملك عزانا ملك اكسوم وحمير وريدان والحبشة وسبأ .... ملك الملوك بن محرم الذي لم يغلب على أمره وحارب قبائل بجا ومزقهم كل ممزق وقدم للآلهة الضحايا لأنها أنعمت عليه بالخيرات.
وقد وجد إلى جانب هذا الكتابة الجعزية كتابة باللغة اليونانية لذالك يعرف هذا النقش باسم Bilinguis. ويلي هذا الكتابة في القدم كتابة منسوبة للملك أل عميدا(Ela Amida) ملك اكسوم وحمير وريدان وسبأ الخ.....الذي أقام تمثالا بعد أن قهر أعداءه وفي هذا النقش نجد أن التأثير السبئي أخذ يضعف إذ فيه عدد من الكلمات الجعزية التي لم تذكر في الأول فمثلا عوضا عن كلمة ملك يستعمل اللفظ الجعزي نجس(Negus)وعوضا عن بن المألوفة في السبئية كلمة ولد(wald) الجعزية وكذالك فيه دلائل على أن الخط يميل إلى أن يأخذ اتجاها جديد ليخرج على القلم السبئي  وقد عثر العالم ريبل(Ruppell) سنة 1830في خرائب اكسوم على كتابتين بقيتا عشرات من السنين لغزاً من الألغاز إلى أن استطاع علماء أوروبا حل رموزها وألفاظها . والكتابتان منسوبتان للملك عزانا الذي قاتل النوبة وأهل عدن ومزقهم كل ممزق ورجع إلى اكسوم وقرب الهدايا والضحايا للآلهة . والكتابة الواحدة تشتمل على ثلاثين سطراً والأخرى على خمسين سطراً لذلك تشتمل على مادة لغوية غزيرة في اللغة الجعزية القديمة .(2)
أثر الدين في الجعزية أغلب ما وصل إلى الباحثين من أثار اللغة الجعزية المدونة إنما يدل على آداب دينية ، ومن أهمها الكتاب المقدس المكتوب بالجعزية ، ومن مصادر المطلعين بأن أوجه التقارب بين الجعزية والتجري (موضوع البحث) تكاد تكون واحد مقارنتا ببقية اللهجات ،ما يمكن من إطلاق الابنة البكر على التجري . 
ومن أهم هذه الآثار ترجمة التوراة إلى الجعزية ويرجح أن الذين عنوا بترجمة التوراة إنما هم يهود فقد كان لبعض الطوائف اليهودية شأن يذكر في بلاد الحبشة منذ زمن قديم جدا وربما اتصل اليهود بالحبشان قبل اتصال اليونان . ويرجح أيضا أن الذين نشروا الدعوة المسيحية كانوا من مسيحيي الآراميين ، يدل على ذلك أن ترجمة الأناجيل إلى الجعزية فيها كثير من الاصطلاحات السريانية ،والآراميين هم المسيحيين السوريين .
وكان انتشار المسيحية في الحبشة نتيجة لجهود كثير بذلها مللك الروم قسطنطين الذي أرسل
القساوسة إلى الحبشة بقصد التأثير في ملوك الحبشة، وعلى العموم فقد كان نشر الديانة المسيحية عند ملوك الروم وسيلة لنشر استعمارهم، وهذا التأثير أثاره باقية وأصبح وسيلة عند المهيمنين في عموم ما كان يطلق عليها الحبشة

أن اللغة الجعزية لغة سامية الأصل لأن أصول اشتقاقاتها موجودة في اللغة العربية وغيرها من اللغات السامية .
أن اللغات تنمو وتتسع بنمو عقل الأمة وتقدمها في الحضارة والمدنية ،وتسرب بعض العناصر من اللغات الأخرى لم تؤثر شيئا في أصل اللغة ولم تتعد الحد الطبيعي لاندماج بعض الكلمات الأجنبية في كل لغة تقتبس من آداب لغة أخرى
الحفاظ على عناصر سامية قديمة وخصوصا في الأساليب فأنها قديمة في تراكيبها ونظمها
ومن سمات السامية عدم وجود قاعدة ثابت لتميز المذكر والمؤنث كما في حالة الأعداد في كل من العربية والعبرية والسريانية وكذلك بعض الأسماء مذكرة تارة ومؤنثة طورا أخرى(يعتقد الباحثون بأن ذلك راجع إلى أصل اللغة
ووجود أداه لتعريف يعزز التطابق التام في الأصول السامية كما هو في التجري حيث الآم هو أداه لتعريف مثال البيت(لبيت) الأم (لأم) الأب(لأب)الماء(لماي)العين (لعن)
وهذا عكس ما يعتقد وذكر في كتاب تاريخ اللغات السامية.
لهجات بلاد اليمن والعلاقة بالجعزية
وتعد بلاد اليمن من أقدم مراكز الحضارة عند الأمم السامية وللمناخ والمظاهر الطبيعية دور بارز في اتساع العقل ونمو الخيال عند الشعوب ،ولخصائص الأرض الخصبة وكثر المظاهر الطبيعية دور بارز في نمو وتطور اللهجات وهذا ما جمع بين بلاد اليمن وبلاد الحبشة ،وهذه المظاهر الطبيعية الساحرة قد هزت نفوس تلك الشعوب وحركت عقولها وأفسحت المجال أمام خيالها فأنتجت آثار في الكتابة القلم السبئي والقلم الجعزي ،وما تميزت بيه من غنى وغزارة المفردات ومن أهم الخصائص الفن والشعر وهذه الخاصية عمت ربوع القرني الأفريقي
ولدخول الإسلام في بلاد اليمن مع العقيدة الدينية لغة القرءان ومحا محواً تاما كل اللهجات الجنوبية.
ولولا لغة القرءان لكان مسير العربية القرشية وباقي لهجات الشمال كمسير لهجات اليمن برغم التفوق الحضاري في جنوب الجزيرة وهذا ما يؤكد بأن العربية هي لغة القرءان ولسان حال المسلمين ومحفوظة ومتطورة بحفظ القرءان .
التجري وعلاقاته باللهجة اليمنية
من اللقاءات في المهجر وخاصة في المملكة العربية السعودية تأكد لي الشبه والقرب في المفردات وحتى في أساليب النطق،وبعض الأمثلة لدلالة على ذلك
مثل هبلي وبتك وحقين وبسل ودم ودنيت و...........باليمن وهبني وبتك وحقبان وبشل ودمو ودنا و........بالتجري
خط المسند والقلم الجعزي
والخط المسند يميل إلى رسم الحرف رسماً دقيقا على هيئة الأعمدة ، فالحرف عندهم على شكل العمارة التي تستند على أعمدة في القصور والمعابد والأسوار والسدود وأبواب المدن ،وقد تنبه علماء المسلمين إلى شكل هذه الكتابات وأطلقوا عليها لفظ المسند لأن حروفها ترسم على هيئة خطوط مسنده إلى أعمدة .
إما لغة المسند فقريبة من الحبشية الجعزية وبعيد من العربية الشمالية .كما في الجدول *
فـــــــصـــل في السامية
وأول من استعمل اصطلاح اللغات السامية هو العالم شلوتسر Schezer))في أبحاثه وتحقيقاته قي تاريخ الأمم الغابرة سنة1781م قبل226عام
وقد استخلص هذه التسمية من الجدول الخاص بأنساب نوح عليه السلام الوارد في التوراة
ولما تبين العلماء تلك العلاقة المتينة الظاهرة بين جميع هذه اللغات السامية ساقتهم هذه العلاقة إلى الاعتقاد بأن جميع هذه اللغات متفرعة عن دوحة واحدة ومصدر واحد ثم استنتجوا من بعض الظواهر أن تلك اللغة الأصلية لجميع اللغات السامية كانت منتشرة في منطقة واسعة الأطراف ثم نجمت منها لهجات مختلفة وهاجر بعضها من مهد الأصلي ثم بدت تأثيرات البيئة في ألسنة المهاجرين فأخذت المخالفة تبرز وتنمو حتى أصبحت تلك اللهجات مغايرة للأصل مغايرة واضحة كأن كلا منهما لغة مستقلة
وهذا ما حدث في اللهجات الجنوبية (اليمنية والحبشية)وتفرعت الجعزية إلى التجري والتجرينة وأمهرية
ويوجد في اللغات السامية الحالية عدد من الكلمات المشتركة يرجع أنها كانت مادة من اللغة السامية الأصلية مثل الضمائر، والعدد، وأعضاء الجسم،وجملة من الألفاظ مثل بيت وسماء وماء وأرض وجمل وكلب وحمار........ وعدد غير قليل من حروف الجر. كما في الجدول
تتميز اللغات السامية في بعض أحوالها عن أنواع اللغات الأخرى بمميزات وخصائص تجعل من كل هذه اللغات كتلة واحدة وأهم تلك المميزات تنحصر في ما يأتي:ـ
1ـ إن اللغات السامية تعتمد على الحروف(consonnes) وحدها ولا تلتفت إلى الأصوات (voyelles) بمقدار ما تلتفت إلى الحروف ولذلك لم يوجد بين الحروف علامات للأصوات كما هي الحال في اللغات الآرية ونجد الأمم السامية تهمل من شأن الأصوات
وهذا منجده جليا في اللهجات القديمة ومنها التجري
2ـ إن أغلب الكلمات يرجع في اشتقاقه إلى أصل ذي ثلاثة أحرف ولبعضها أصل ذو حرفين وهذا الأصل فعل يضاف إلى أوله أ وأخره حرف أو أكثر فتتكون من الكلمة الواحدة صور مختلفة تدل على معان مختلفة .
3ـ وقد نشأ من اشتقاق الكلمات من أصل هو فعل أن سادت العقلية الفعلية على اللغات السامية أي أن لأغلب الكلمات في هذه اللغات مظهراً فعلياً حتى في الأسماء الجامدة والألفاظ الدخيلة التي تسربت من اللغات الأعجمية .
وفي اللغات السامية فالفعل هو كل شيء والضمير مسنداً إلي الفعل ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً
4ـ ليس في اللغات السامية أثر للإدغام كلمة في الأخرى حتى تسير كلمة واحدة تدل إلى معنى واحد كما هي الحال في غير اللغات السامية
 

 الجزء الثاني